
زراعة الخضار سواء في الحقل أو الحديقة المنزلية أو الأسطح يشغل الكثيرين من المجتمعات و الأفراد لتوفير الأمن الغذائي الذاتي لأهمية الإقتصادية و الصحية و البيئية. في ظل ظروف عالمية تهتز يوماً بعد يوم. حيث أن توفر الغذاء خاصة الخضروات يعتبر من العوامل المهمة في صمود المجتمعات و نموها و تطورها. فمجتمع و دولة بدون زراعة لا تستطيع أن تبني أي قوة أخرى تمكنها من النجاح .
و قالوا في الأمثال قديماً من لا يأكل من فأسه قرارة ليس من رأسه. و الخضروات تضم المالح و الحلو و الغنية بالمعادن و الغنية بالبروتينات و النشويات .
فلو أخذنا مثال البطاطا الحلوة و البطاطس كغذاء وقت الأزمات سنجد البطاطا الحلوة تعتبر للتسلية و المتعة مثلها مثل الفاكهة و لو نظرنا للبطاطس سنجدها مصدر للنشويات التي يبحث عنها أي كائن حي ليبقى على قيد الحياة, و الأمثلة تطول. و لو طرحت سؤال لماذا الخضروات فنقول لك هي الأكثر إختصاراً للوقت فالخضروات يمكن إنتاجها بوقت قصير و بكميات كبيرة .
خطوات زراعة الخضار :
أولاً : اختيار موقع الزراعة
يعتبر موقع الزراعة من أهم الخطوات حيث أنه المكان المستديم لزراعة الخضروات لذلك يجب اختيارة بعناية و تجهيزة بالشكل الأمثل. و من شروط اختيار الموقع :
1- أن تصل الشمس للموقع المراد الزراعة فيه بحد أدنى 6 ساعات. حيث أن ضوء الشمس هو مصدر من مصادر حدوث عملية البناء الضوئي المسئولة عن تكون الغذاء للنبات و بالتالي نموه. و قلة الإضاءة تؤدي الى ضعف النبات و قلة الإنتاج. و كما يجب أن تكون المزرعة دائماً في الجهة الشرقية لنضمن سهولة أشعة الشمس لمكان الزراعة .
2- ن تكون الأرض مستوية لا يوجد فيها مناطق منخفضة لمنع تجنب تجمع الماء و خسارة جزء من النباتات المزروعة في هذه البقعة المنخفضة. كما يجب أن يكون الموقع جيد الصرف خالي من الصخور أو مخلفات البناء إذا كانت الزراعة في الحديقة المنزلية. مما سينتج عن ذلك موت النباتات بعد مدة من الزراعة .
3- تحديد نوع التربة يجب تحسين التربة لتلائم زراعة الخضار. فالتربة الرملة و الخفيفة يجب تزويدها بالطين و المادة العضوية و العكس صحيح في التربة الطينية يجب تزويدها بالرمل و المادة العضوية. لنصل لتربة متوازنة خصبة جيدة الصرف و التهوية و الحفاظ على الماء و العناصر الغذائية .
4- فحص ملوحة و حموضة التربة و مياه الري قبل الزراعة يساعد على نجاح الزراعة. حيث أن التربة التي تميل للحامصية هي الأفضل لسهولة إمتصاص العناصر منها. و أغلب ترب الوطن العربي تميل للقلوية فنحتاج لتزويد التربة بالأسمدة التي ترفع الحموضة و تزويدها بالمادة العضوية. أما بالنسبة لملوحة التربة الزيادة منها تؤدي لخسارة كمية الإنتاج و تضرر النباتات بشكل كبير. و تحل هذه المشكلة بإجراء عملية غسيل للتربة بكمية كبيرة من الماء قبل الزراعة لتنزيل الأملاح لمسافة بعيدة عن الجذور. و في حال كان مصدر الري مالح يمكن إستبدالة أو خلطة بماء خالي من الأملاح .
ثانياً : تحديد موعد الزراعة
بعد التأكد من أن الموقع جيد للزراعة و يمكن بعدها تحديد موعد البدء. فزراعة الخضار تنقسم الى قسمين من حيث نوع الزراعة وهي :
1- الزراعة المكشوفة :
و هي زراعة الخضار في الحقل بدون حماية من الظروف البيئية و هذه الزراعة تنقسم الى قسمين حسب الموسم :
- خضار صيفية : و هي الخضار التي يتم زراعتها في فصل الربيع بشهري 2-3 و يمكن التبكير و التأخير قليلاً. و من هذه الخضار الفلفل و الخيار و الطماطم و الباذنجان و الملوخية و البطاطا الحلوة و الكوسة و اللوبيا و غيرها .
- خضار شتوية : و هي الخضار التي يتم زراعتها في فصل الخريف بشهري 8-9 و يمكن التبكير و التأخير قليلاً. و من هذه الخضار الفجل و اللفت و البطاطاس و القرنبيط و الكرنب و البصل و الثوم و الفول و البازيلاء و غيرها .
2- الزراعة المحمية :
و هي زراعة الخضار داخل بيوت محمية توفر لها الظروف البيئية لزراعتها في غير موعدها. و بالغالب تكون خضار إقتصادية لتعوض إرتفاع التكلفة الإنشائية لهذه البيوت مثل الطماطم و الخيار و غيرها. و في الوطن العربي يتم زراعة المحاصيل الصيفية بالخريف بداية شهري 8-9 من كل عام. إذاً يتم زراعة المحاصيل الصيفية فقط. أما المحاصيل الخضر الشتوية لا يتم ذلك لإرتفاع التكلفة بشكل كبير لا يمكن للمستهلك المزارع تحملها .
فتحديد موعد الزراعة مهم حيث أن لكل نبات درجة حرارة مثلى لنموه. فمراعاة ظروف النمو مهم للحصول على إنتاج عالي و ذو جودة عالية .
ثالثاً : تحديد فترة الصقيع :
و يعرف الصقيع بإنخفاض درجة الحارة ليلاً لدرجة تجمد الماء داخل النباتات. و علية يجب تجنب فترة الصقيع من خلال الزراعة بعد حدوثها أو تدفئة النباتات أو ري النباتات قبل حدوث الصقيع بساعات. و يمكننا معرفة ذلك من خلال نشرات الأخبار و الأرصاد الجوية. حيث أن هناك نباتات لها القدرة على تحمل الصقيع و هناك نباتات حساسة و الجدول التالي يبين ذلك :

رابعاً : تحضير الموقع لزراعة الخضار
1- إزالة بقايا المحصول السابق :
و هذا يساعدنا في التخلص من مسببات الأمراض و الأعشاب الضارة و بذورها. كما يمكن الحصول على بقايا المحصول السابق و إعادة تدويرة لإستخدامة بالكومبوست .
2- حراثة الأرض :
يتم إستخدام المحراث القلاب المطرحي أو أي نوع من أنواع المحاريث حيث تشق التربة بعمق 35سم. و هذه الحرثة تعمل على تفكيك التربة و تهويتها و تعريض مسببات الأمراض و الحشرات للشمس و التخلص منها .
3- تسوية سطح التربة :
و هنا نقوم بإستخدام المحراث الدوراني لفرم التربة و تنعيمها و تسويتها بعد شق التربة و تكون الأخاديد تمهيداً لإضافة الأسمدة العضوية .
4- التسميد الأساسي :
يتم إضافة 5-10 متر مكعب من السماد العضوي حسب نوع الزراعة و نوع المحصول و الموسم. كما يضاف سماد السوبر فوسفات 50-100كجم و سماد كلوريد البوتاسيوم 30-50كجم. و السماد يختلف من نبات لنبات حسب الإحتياجات .
5- الري :
تروى الأرض رياً غزيراً بمعدل 40-60 مترمكعب للدونم لترطيب السماد العضوي و إنزال الماء لمسافة 30سم .
6- الحرثة الأخيرة :
و هي تحدث لخلط السماد العضوي على مسافة 25سم و تتم بعد التأكد من أن التربة تسمح بالحرث بعد عدة أيام من الري .
7- المحافظة على رطوبة التربة :
حيث أن تحضير التربة يحتاج لشهر قبل الزراعة و خلال هذه الفترة يجب المحافظة على رطوبة التربة للمساح بتحلل السماد العضوي و إنبات بذور الأعشاب الضارة .
8- تعقيم التربة :
و هي أخر خطوة يمكن إجرائها قبل الزراعة و هناك طرق كثيرة منها الطبيعية و منها الكيميائية . و نفضل التعقيم الحراري للتربة في أشهر الصيف 6-7-8 من كل عام عند إشتداد الحرارة و خاصة في داخل البيوت المحمية و هي مفيدة جداً و بديل جيد للمبيدات .
خامساً : زراعة الخضار
تزرع الخضار بعدة أشكال حسب طبيعة نموها بعدة طرق منها الزراعة بأحواض تكون أبعادها متر في متر أو أكثر و هي تستعمل للنباتات الورقية بالغالب. و هناك زراعة على خطوط منفردة أو خطوط مزدوجة و هناك ما يزرع على مصاطب. و الأفضل هو الزراعة على مصاطب و يمكن لهذه المصاطب أن تغطى بالملش الزراعي فيكون الأمر أفضل بكثير .
و تزرع الخضار حسب طريقة إكثارها بالبذور أو الأشتال أو الدرنات أو أي جزء قابل للنمو. و بفضل دائماً الزراعة بالأشتال كونها أقل مخاطرة و تعطي مساحة من الوقت لإستغلال الأرض او تخضيرها و سهولة العناية بها. و لكن هناك بعض الخضار مثل البقوليات و القرعيات يمكن زراعتها بالبذور لكبر حجم البذور و تعطي نباتات أقوى. كما لبعض هذه النباتات عيب و هو عدم مقدرتها على تجديد ما فقد منها من جذور. و نراعي هنا عند أختيار البذور أو الأشتال أن تكون من مصدر موثوق حتى لا نقع بمشاكل تؤدي للحصول على نباتات ضعيفة و إنتاج قليل .
و تتم الزراعة بوجود الماء حتى تلتصق البذور أو الأشتال بالتراب و نخرج الهواء من التربة لنسهل عملية الإمتصاص ببداية الزراعة .

سادساً : الخدمة بعد الزراعة
1- الخف و الترقيع :
حيث تتم عملية الخف عند زراعة أكثر من بذرة في الجورة الواحدة. حيث نزيل النباتات النامية و نترك نبات واحد بالجورة. أما الترقيع فيتم في الجور التي زرعت ببذور لم تنبت أو أشتال ماتت و بالتالي نقوم بزراعة الجورة بنبات جديد أو بذور منقوعة لتسريع الإنبات .
2- العزق و التتعشيب :
و يعرف العزق على أنه تحريك للتربة خول النباتات. بهدف تهويتها و تكسير الأنابيب الشعرية من حولها مما يمنع تمليح التربة و بالتالي نقوم بالتخلص من الأعشاب الضارة التي تنافس النابات بالمكان و الغذاء و الهواء خاصة النباتات الضعيفة التي لا تقوى على المنافسة مثل البصل و الثوم .
3- التحضين و الترديم :
و يعرف التحضين أو الترديم بأنه وضع التراب حول سيقان النباتات بهدف تقويتها بحثها على تكوين الجذور العرضية و الدعامية و زيادة الإنتاج و الحماية. و هي عملية مترافقة مع عملية العزق و التعشيب .
4- التربية و التقليم :
تعد التربية مهمة في النباتات المتسلقة خاصة داخل البيوت المحمية. حيث أن لكل نبات تربية مختلفة فمنها ما يحتاج الى تسليق مثل الخيار و الطماطم. و منها ما يحتاج لتعريش كما في الفلفل و الباذنجان. و منها ما يحتاج لتعديل كما في الفاصولياء. أما التقليم هو عملية إزالة لبعض أجزاء النبات لتقوية النبات أو التربية أو إزالة الأجزاء المريضة و الكبيرة في أسفل النبات كنوع من الحماية .
5- التسميد و الري :
و تسمى اليوم بالرسمدة و هما من العمليات المترافقة فلا تسميد بلا ري. فتختلف كمية الأسمدة و الري من نبات لأخر و من تربة لأخرى و من عمر لأخر. و تعتبر عملية الرسمدة من العمليات المهمة و الحساسة لنمو النباتات و الإنتاج .
6- الوقاية و العلاج :
تنتشر الكثير من الأمراض و الحشرات في البيئة المحيطة بالنباتات. مما يعرضها للخطر و يمكن تجنب ذلك بالمراقبة و الوقاية من خلال تعليق المصائد اللاصقة و فحص النباتات بشكل دوري و الرش الوقائي بمواد طبيعة و التخلص من الأجزاء المصابة و غيرها من الطرق. و يكون إستخدام المبيدات كخيار أخير .
7- الحصاد :
معظم الخضار نباتات موسمية لا تتعدى الاربع شهور. و منها ما هو سريع يحتاج 40-50 يوم فقط و منها ما يطول لـ120-150 يوم. و تخصد الخضروات الورقية بشكل حش للمجموع الخضري بفوق التربة بـ5 سم لنسمح لها بالنمو مرة أخرى مثل البقدونس و الملوخية. و النباتات الثمرية تحصد بعد شهرين من الزراعة بالجني المتعاقب كل يومين او ثلاثة مثل الخيار و الباذنجان. و هناك محاصيل تخصد لمرة واحد بعد إنتهاء المحصول مثل القرع و الكرنب و القرنبيط .