
يعتقد البعض أن مكافحة الآفات الزراعية بدون مبيدات أمر صعب ويحتاج لتقنيات عالية. وهذا بالعكس تماماً حيث أن المكافحة بدون مبيدات لا تتطلب بالضرورة تقنيات خارقة للعادة بل يمكن استخدام وسائل بسيطة جداً. ومن الضروري معرفة أن الهدف في المكافحة ليس قتل الآفات من حشرات وأمراض بل جعلها دون الحد الاقتصادي الحرج بمعنى أن نقلل من أعداد الآفات بحيث لا تسبب ضرر اقتصادي يؤثر على الإنتاج. لذلك من الضروري تعلم استراتيجية أدارة الآفات المتكاملة IPM وطرق المكافحة المختلفة. التي لا يشترط أن تكون المكافحة الكيميائية جزء منها. وهنا سنتعلم كيف سنقاوم الآفات بدون استخدام مبيدات كيميائية واستعمال طرق بديلة أكثر أماناً على صحة الإنسان والبيئة.
استراتيجيات مكافحة الآفات بدون مبيدات
هدفنا هو ليس قتل الآفات تذكر دوماً هذا . وهدفنا هو جعل الآفات دون الحد الاقتصادي الحرج بمعنى منع ضرر الآفات. وهذا الهدف يحتاج لخطة , والخطة تتطلب معرفة تامة بالعدو لتستطيع مكافحته بشكل جيد. وهذا يعني أننا نحتاج للعمل بذكاء حتى لا نصل لمرحلة استخدام المبيدات الذي يجب ان يكون خيار غير موجود أو خيار أخير. ولتطبيق استراتيجيات المكافحة بدون مبيدات يجب معرفة التالية:
- بيولوجية الآفة المراد مكافحتها وسلوكها ودورة حياتها وأماكن وأوقات انتشارها.
- مراقبة الآفات بشكل دقيق ومستمر للتعرف على الطور الضار واستهدافه بشكل مباشر.
- تحديد أعداد الآفة الذي يتطلب المكافحة عنده لمنع زيادته وبالتالي منع الضرر الاقتصادي.
- العوامل الطبيعية التي تساعد على خفض أعداد الآفة المنوي مكافحتها.
- الأعداء الحيوية التي تساهم في خفض الضرر الاقتصادي للآفة.
خطوات المكافحة بدون استخدام المبيدات الكيميائية
أولاً : تشخيص الآفة المراد مكافحتها
قبل البدء بمكافحة الآفات يجب تحديدها بدقة ومعرفة نوعها. هل هي من الحشرات أم الفطريات أم غير ذلك؟ فهذا يجعلك تسلك الطريق الصحيح في المكافحة. لذلك تعتبر هذه الخطوة هي الأولى , وعدم نجاحك في التشخيص يعني فشلك في العلاج. حيث أن التشخيص الخاطئ لن يوصلك لحل وستكون عواقبه مؤلمة من الناحية الاقتصادية.
ثانياً : رصد وتقدير أعداد الآفة وضررها
تعد عملية الرصد والمراقبة للآفات مهمة جداً لتحديد مكانها بدقها فقد تكون في التربة أو على المجموع الخضري أو بداخل النبات. وكل معلومة أن تحصل عليها تجعلك تمضي بالطريق الصحيح. كما أن تقدير أعداد الآفة وضررها يساعدك بمعرفة ما هي الطريقة المناسبة في عملية وقف الضرر الاقتصادي ؟ وهل أنت يجب أن تتدخل بسرعة أم يمكن يمكن التمهل بعملية المكافحة. لذلك أرصد وقدر قبل البدء بعملية المكافحة.
ثالثاً : تحديد الوقت المناسب للمكافحة
قد يعد التدخل بالوقت المناسب مهم جداً في المكافحة. وذلك من خلال تحديد وقت ظهور الآفة كون بعض الآفات تظهر بعد غروب الشمس وتكون ليليه. أو يكون لها فترة سكون أو تختبئ في مكان معين. فأحرص على التدخل في الوقت المناسب ليكون تدخلك ناجح. والوقت المناسب يكون في العادة قبل وصل الآفات للحد الاقتصادي الحرج الذي يسبب خسارة كبيرة.
رابعاً : استخدام طريقة المكافحة المناسبة
هناك الكثير من الطريق التي يمكن استخدامها لمكافحة الآفات والتقليل من ضررها الاقتصادي. وتعتبر فعالة وتعطي نتائج كبيرة وخاصة أن تم استخدامها في الوقت المناسب وهي كما يلي:
1- المكافحة بالعمليات الزراعية
تعد هذه الطريقة من أبسط الطرق لمكافحة الآفات كونها سهلة ولكن يلزم تنفيذها بالوقت المناسب. وهي تعتبر طريقة وقائية وعلاجية ويمكن البدء فيها قبل الزراع وبعد الزراعة. ومثال على ذلك
- الحراثة والعزق : تساعد هذه العملية في تعريض الآفات الزراعية للشمس وللأعداء الطبيعية للتخلص منها. وهي تعتبر عمليه مهمة قبل البدء في الزراعة للوقاية من الآفات الزراعية الضارة التي يمكن أن تهاجم النباتات.
- التقليم ونظافة الحقل : من الضروري بالتخلص من المحاصيل السابقة قبل البدء في بالزراعة حيث أنها مصدر للعدوى ونقل الآفات من حشرات وأمراض تسبب الضرر النباتات. وهذه تعتبر طريقة وقائية ضرورية قبل الزراعة أما بعد الزراعة يمكن التدخل بقص الأجزاء المصابة وحرقها قبل انتشار الآفات الزراعية. كما تعمل عملية جمع الثمار المصابة سواء على النباتات أو الساقطة على الأرض لمنع تطور الضرر حتى في المواسم التالية.
- الدورة الزراعية : يعد زراعة المحاصيل في نفس المكان يزيد من انتشار الحشرات والأمراض كون أن العائل المحبب لهذه الآفات متواجد. لذلك يجب كسر هذه العلاقة والبدء بزراعة نباتات مختلفة العائلة لمنع تواجد الآفات والتقليل منها بشكل طبيعي بدون التدخل بالمبيدات.
- المصائد النباتية : هناك نباتات تجذب الحشرات كون هذه الحشرات محبه لهذه النباتات. حيث وجد أن زراعة الخيار قبل الطماطم بشهر يجذب المن والذبابة البيضاء لها ويمنع إصابة الطماطم بالفيروسات التي تنقلها هذه الحشرات. كما أن زراعة الذرة بين نباتات الكوسا يحميها من أصابتها بالفيروسات. وهناك بالمقابل نباتات طاردة للحشرات والنيماتودا والحيوانات وهذه شرحها يطول.
- مواعيد الزراعة والحصاد : حيث أن تبكير وتأخير مواعيد الزراعة يجعل من ظهور بعض الآفات الزراعية تضطرب ويتأخر ظهورها لعدم مناسبة درجات الحرارة لها مما يتسبب بتقليل أعدادها وبالتالي التخفيف من الضرر.
- الري والتسميد : يعد التسميد هو مد النباتات بالعناصر الغذائية وبالتالي تؤدي لتقوية النباتات وتصبح أكثر مقاومة للأمراض والحشرات. كما أن تخفيف الري وتنظيمه وعدم زيادته تؤدي الى التقليل من حدوث أمراض التربة التي تعتبر من أشهر الأمراض ضرراً بالنباتات وتسبب خسارة فادحة بالمحاصيل.
- زراعة أصناف مقاومة : الحصول على نباتات مقاومة ولها القدرة على تحمل المرض يحد بشكل كبير من الضرر الذي قد تحدثه هذه الآفات. ولذلك تعتبر زراعة أصناف مقاومة وسيلة فعالة ويتبعها الكثير من المزارعين لحماية محاصيلهم من التلف والخسارة.
2- المكافحة بالطرق الميكانيكية
تعتبر هذه الطريقة بسيطة ولا تتطلب تكلفة عالية ولها أثر فعال في التقليل من تعداد الآفات وبالتالي التقليل من الضرر. وتتلخص هذه الطريقة فيما يلي:
- الجمع باليد والشبكات : في الدول التي تعتبر العمالة رخيصة جداً تتبع هذه الطريقة بدلاً من الطرق الكيميائية. حيث يتم جمع أطوار الحشرات من خلال جمع اليرقات أو الحشرات الكاملة أو حتى لطع البيض على الأوراق أو صيد بعض الحشرات بالشباك. مما يقلل من تواجد الآفات بشكل كبير ويخفف من ضررها.
- استعمال الأسلاك : حيث يتم استعمال الأسلاك في قتل اليرقات داخل أنفاقها في جذوع الأشجار كما في مكافحة يرقات حفار ساق التفاح.
- استعمال الحواجز : ونلاحظ استعمال الشباك ذات الفتحات الدقيقة في حماية البيوت المحمية من دخول الحشرات. كما تستعمل هذه الشباك في حماية الكثير من النبات لمنع وصول الحشرات لها ومنع الضرر.
- استعمال المصائد اللاصقة : كثير من الحشرات تنجذب للألوان وخاصة الصفراء والزرقاء مما جعل الخبراء بوصع لوحات لاصقة لها ألوان جاذبة للحشرات مما يؤدي لصيدها والتقليل من أعدادها.
3- المكافحة بالطرق الفيزيائية (الطبيعية)
من أهم هذه الوسائل استخدام التعقيم بالحرارة للعقل والأجزاء النباتية والبذور. حيث يمكن تعرض هذه الأجزاء لحرارة لا تضر الأنسجة النباتية ويؤثر على الفيروسات. كما استعملت الحرارة في تعقيم التربة للتخلص من الآفات قبل البدء في الزراعة وهي طريقة فعالة لتعقيم التربة. واستعمل الإشعاع في تعقيم ذكور ذبابة الفاكهة لإنتاج ذكور عقيمة وأطلاقها في الحقل لتنافس الذكور في الحقل وبالتالي تضع الإناث بيض غير مخصب لا يفقس مما يقلل من الآفة ويمنع الضرر.
4- المكافحة البيولوجية
طريقة قديمة وهي جزء أصيل من السلسة الغذائية في الطبيعة. وهي عبارة عن استخدام كائن حي ضد كائن حي أخر وقد تكون عبارة عن مفترسات أو متطفلات أو ممرضات. وطور الإنسان هذه الطريقة لتكون أكثر فعالية. حيث قام الإنسان بإكثار هذه الأعداء الطبيعية في المختبرات ومن ثم قام بنشرها في الحقل لتكون أكثر فعالية في مهاجمة الآفات الزراعية والتخلص منها. وهذا يتطلب أن لا يستعمل المبيدات التي قد تتسبب في قتلها. ومن الأمثلة على الأعداء الطبيعية حشرة أبو العيد وأسد المن وحشرة البق المفترس وغيرها الكثير. وهي تعتبر من أفضل طرق مكافحة الآفات الزراعية بدون مبيدات كيميائية وتستعمل بشكل كبير في الدول المتطورة علمياً.
5- المكافحة التشريعية
تعتبر هذه الطريقة مهمة ولكن من يقوم فيها وينفذها الدول. حيث يتم وضع وسن قوانين تمنع دخول النباتات وعمل لها حجر زراعي وفحصها ومن ثم الأفراج عنها أو اعدامها حسب تقييمها. ولكن على الصعيد الشخصي يمكن تنفيذ ذلك من خلال عدم أدخال نباتات لمزرعتك إلا بعد التأكد من خلوها من الآفات الزراعية والشراء من مصدر موثوق. فهذا له الأثر في التقليل من الآفات الزراعية والضرر الاقتصادي.
خامساً : تقييم عمليات المكافحة
بعد تنفيد عمليه المكافحة يجب تتبعها ومعرفة مدى نجاحها من عدمه. حيث أن ذلك يجعلك تتخذ قرارات مهمة بالتوقف عن المكافحة أو استعمال طريقة أخرى أو تكرار عملية المكافحة. والتقييم مهم جداً حيث أنه يجب عمله بعد كل خطوة وليس في النهاية. وهذا يتطلب المراقبة والمتابعة المستمرة وهي مهم لنجاح مكافحة الآفات الزراعية بدون مبيدات.
طرق المكافحة بدون مبيدات لا تتوقف على ما تم ذكره فقط. فهناك طرق أخرى يمكن اتباعها للحد من الآفات الزراعية ومقاومتها. كما يوجد كثير من المبيدات العضوية التي ليس لها أثر على الصحة والبيئة مثل رش النباتات بمنقوع بعض النباتات مثل محلول الثوم والبصل أو محلول النيم أو محلول التبغ وغيرها الكثير من المواد الطبيعية التي قد تخفف من حدة الإصابة. كما أن ما ذكر من طرق بفضل تنفيذها معاً بشكل توافقي لتكون أكثر فعالية وتعمل عمل المبيدات الضارة على الصحة والبيئة. وفي نهاية مقالنا عن مكافحة الآفات الزراعية بدون مبيدات نؤكد على أن الوقاية دوماً خير من العلاج والتدخل في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة يجعل من عملية المكافحة أسهل وأبسط.